فمن حدثته نفسه أن يعيد هذه التجربة مرة أخرى فلينظر في تلك العبر وليأخذ بأحسنها ومن لم يستحي فليصنع ما يشاء وأما إن كان مدخل الشبهة عنده أنه رأى في الناس من هو أعلى منه كعبا في هذه الصناعة فقال في نفسه لئن لم أكن أنا من فرسان هذا الميدان ولم يكن لي في معارضة القرآن يدان لعل هذا الأمر يكون يسيرا علىمن هو أفصح مني لسانا وأسحر بيانا فمثل هذا نقوله له إرجع إلى أهل الذكر من أدباء عصرك فاسألهم هل يقدرون أن يأتوا بمثله فإن قالوا لك لو نشاء لقلنا مثل هذا فقل هاتوا برهانكم وإن قالوا لا طاقة لنا به فقل أي شيء أكبر من العجز شهادة على الإعجاز ثم ارجع إلى التاريخ فاسأله ما بال القرون الأولى ينبئك التاريخ أن أحدا لم يرفع رأسه أمام القرآن في عصر من أعصاره وأن بضعة النفر الذين انغضوا رؤوسهم إليه باؤوا بالخزي والهوان وسحب الدهر على آثارهم ذيل النسيان أجل لقد سجل التاريخ هذا العجز على أهل اللغة أنفسهم في عصر نزول القرآن وما أدراك ما عصر نزول القرآ، هو أزهى عصورة البيان العربي وأرقى أدوار التهذيب اللغوي وهل بلغت المجامع اللغوية في أمة من الأمم ما بلغته الأمة العربية في ذلك العصر من العناية بلغتها حتى