وأما الثاني فإن هذه الأسباب قد رأيناها آتت بالفعل ثمراتها وأيقظت همم المعارضين إلى أبعد حدودها حتى كان أمر محمد والقرآن هو شغلهم الشاغل وهمهم الناصب فلم يدعوا وسيلة من الوسائل لمقاومته باللطف أو بالعنف إلا استنبطوها وتذرعوا بها أيخادعونه عن دينه ليلين لهم ويركن قليلا إلى دينهم أم يساومونه بالمال والملك ليكف عن دعوته أم يتواصون بمقاطعته وبحبس الزاد عنه وعن عشيرته الأقربين حتى يموتوا جوعا أو يسلموه أم يمنعون صوت القرآن أن يخرج من دور المسلمين خشية أن يسمعه أحد من أبنائهم أم يلقون فيه الشبهات والمطاعن أم يتهمون صاحبه بالسحر والجنون ليصدوا عنه من لا يعرفه من القبائل القادمة في المواسم أم يمكرون به ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه أم يخاطرون بمهجهم وأموالهم وأهليهم في محاربته أفكان هذا كله تشاغلا عن القرآن وقلة عناية بشأنه ثم لماذا كل هذا وهو قد دلهم على أن الطريق الوحيد لإسكاته هو أن يجيئوه