الألف واللام في قوله: (الحمد) للاستغراق أي جميع أنواع الحمد لله لا لغيره، فأما الذي لا صنع للخلق فيه مثل خلق الإنسان، وخلق السمع والبصر والسماء والأرض والأرزاق وغير ذلك فواضح، وأما ما يحمد عليه المخلوق مثل ما يثني به على الصالحين والأنبياء والمرسلين، وعلى من فعل معروفاً خصوصاً إن أسداه إليك، فهذا كله لله أيضاً بمعنى أنه خلق ذلك الفاعل، وأعطاه ما فعل به ذلك، وحببه إليه وقواه عليه، وغير ذلك من أفضال الله الذي لو يختل بعضها لم يحمد ذلك المحمود فصار الحمد لله كله بهذا الاعتبار.
وأما قوله: (لله رب العالمين) فالله علم على ربنا تبارك وتعالى، ومعناه: الإله أي المعبود لقوله: (وهو الله في السموت وفي الأرض) (سورة الأنعام، الآية: ٣)، أي المعبود في السموات والمعبود في الأرض: (إن كل من في السموت والأرض إلا ءاتي الرحمن عبداً) (سورة مريم، الآية: ٩٣)، وأما الرب فعناه المالك المتصرف، وأما (العالمين) فهو اسم لكل ماسوى الله تبارك وتعالى فكل ماسواه من ملك ونبي وإنسي وجني وغير ذلك مربوب مقهور يتصرف فيه، فقير محتاج كلهم صامدون إلى واحد لاشريك له في الدين، وهو الغني الصمد، وذكر بعد ذلك (مالك يوم الدين) وفي قراءة أخرى (ملك يوم الدين) فذكر في أول هذه السورة التي هي أول المصحف الألوهية والربوبية والملك، كما ذكره في آخر سورة من المصحف (قل أعوذ برب الناس * ملك الناس) (سورة الناس، الآيات: ١-٣).