فهذه ثلاثة أوصاف لربنا تبارك وتعالى ذكرها مجموعة في موضه واحد في أول القرآن، ثم ذكرها مجموعة في موضع واحد في آخر القرآن ما يطرق سمعك من القرآن. فينبغي لمن نصح نفسه أن يعتني بهذا الموضوع، ويبذل جهده في البحث عنه، ويعلم أن العليم الخبير لم يجمع بينهما في أول القرآن ثم في آخره إلا لما يعلم من شدة حاجة العباد إلى معرفتها، ومعرفة الفرق بين هذه الصفات، فكل صفة لها معنى غير معنى الأخرى، كما يقال: محمد رسول الله، وخاتم النبيين، وسيد ولد آدم فكل وصف له معنى غير ذلك الوصف الآخر.
إذا عرفت أن معنى الله هو الإله، وعرفت أن الإله هو المعبود، ثم دعوت الله أو ذبحت له أو نذرت له فقد عرفت أنه الله، فإن دعوت مخلوقاً طيباً أو خبيثاً، أو ذبحت له أو نذرت له فقد زعمت أنه هو الله، فمن عرف أنه قد جعل شمسان أو تاجا (شمسان وتاج - ومثلهما يوسف - رجال كان الناس في عصر الشيخ يعتقدون فيهم الولاية، ويرفعون لهم من العبادة والدعاء ونحوها ما لا ينبغي أن يرفع إلا لله عز وجل) (راجع رسالة كشف الشبهات للشيخ) برهة من عمره هو الله، عرف ماعرفت بنو إسرائيل لما عبدوا العجل، فلما تبين لهم ارتاعوا، وقالوا ماذكر الله عنهم: (ولما سقط في أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا لَئِنْ لم يرحمنا ربنا ريغفر بنا لنوكنن من الخسرين) (سورة الأعراف، الآية: ١٤٩).
وأما الرب فمعناه المالك المتصرف، فالله تعالى مالك كل شئ وهو المتصرف فيه، وهذا حق، ولكن أقر به عباد الأصنام الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما ذكر الله عنهم في القرآن في غير موضع كقوله تعالى: (قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصر ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فيسقولون الله قل أفلا تتقون) (سورة يونس، الآية: ٣١).


الصفحة التالية
Icon