فمن دعا في تفريج كربته وقضاء حاجته، ثم دعا مخلوقاً في ذلك خصوصاً إن اقترن بدعائه نسبة نفسه إلى عبوديته مثل قوله في دعائه (فلان عبدك) أو قول (عبد علي) أو (عبد النبي أو الزبير) فقد أقر له بالربوبية، وفي دعائه علياً أو الزبير بدعائه الله تبارك وتعالى وإقراره له بالعبودية، ليأتي له بخير أو ليصرف عنه شراً مع تسمية نفسه عبداً له، قد أقر له الربوبية، ولم يقر لله رب العالمين كلهم بل جحد بعض ربوبيته، فرحم الله عبداً نصح نفسه، وتفطن هذه المهمات، وسأل عن كلام أهل العلم، وهم أهل الصراط المستقيم، هل فسروا السورة بهذا أم لا؟.
وأما الملك فيأتي الكلام عليه، وذلك أن قوله: (مالك يوم الدين) وفي القراءة الأخرى (ملك يوم الدين) فمعناه عند جميه المفسرين كلهم ما فسره الله به في قوله: (ومآ أدراك مايوم الدين * ثم مآ ما أدراك ما يوم الدين * يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئٍذ لله) (سورة الأنفطار، الآيات: ١٧ - ١٩).
فمن عرف تفسير هذه الآية، وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم، مع أنه سبحانه مالك كل شئ ذلك اليوم وغيره، عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها، وبسبب الجهل بها دخل النار من دخلها، فيالها من مسألة لو رحل الرجل فيا أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها، فأين هذا المعنى والإيمان بما صرح به القرآن، مع قوله صلى الله عليه وسلم: (يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئاً)، (أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة)، من قول صاحب البردة:
ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تحلى باسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي محمداً وهو أوفي الخلق بالذمم
إن لم تكن في مادي آخذاً بيدي فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
فليتأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها، ومن فتن بها من العباد، وممن يدعي انه من العلماء، واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن.


الصفحة التالية
Icon