أعقب الآيات السابقة ذكر البعث، وقد حدد وقته وميعاده، وهو أن يوم الفصل هو يوم الحساب والجزاء، وسمي بيوم الفصل لأنه يفصل فيه بين الخلائق، وجعل له وقتا وميعادا للأولين والآخرين، ويكون ذلك يوم ينفخ في الصور نفخة القيام من القبور، فيحضرون جماعات للحساب والجزاء، ثم ذكر من أوصاف هذا اليوم تتشقق السماء من كل جانب، فتكون كالأبواب في الجدران، كذلك قوله تعالى: ﴿ إذا السماء انشقت﴾ ( الانشقاق ١)، ونسفت الجبال فأصبحت كالسراب يحسبه الناظر شيئا وهو وهم(١).
علاقة الآيات بما قبلها:
بعد أن بين دلائل قدرته على البعث، وذكر بعض مشاهد هذا البعث زيادة في تأكيد قدرته عليه وتخويفا للمنكرين الجاحدين له.
٢- مشهد الطغاة في النيران:
يمضي السياق خطورة وراء النفخ والحشر، فيصور مصير الطغاة، ومصير التقاة، بادئاً بالأولين المكذبين المتسائلين عن النبأ العظيم.
قال تعالى: ﴿ إن جهنم كانت مرصادا، للطاغين مآبا، لابثين فيها أحقابا، لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا، إلا حميما وغسّاقا، جزاءاً وفاقاً، إنهم كانوا لا يرجون حسابا، وكذبوا بآياتنا كذابا، وكل شيء أحصيناه كتابا، فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا﴾.
إن جهنم خلقت ووجدت وكانت مرصاداً للطاغين، تنتظرهم وينتهون إليها فهي معدّة لهم، ومهيأة لاستقبالهم، فكانت جهنم مآبا لهم للإقامة الطويلة المتجددة أحقابا بعد أحقاب.

(١) محمد الصابوني، صفوة التفاسير، دار الصابوني، القاهرة، ج٣، ص٤٤٨.


الصفحة التالية
Icon