ثم يسألهم مرة أخرى :" أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ " فهل أمنتم كذلك إن لم نخسف بكم الأرض أن نمطر عليكم السماء، فستعلمون صدق إنذاري لكم إن وقع العذاب بكم، ثم يوجههم الله جل جلاله إلى التأمل في مخلوق من مخلوقاته فيقول " أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ "لعل ذلك يدفعهم إلى الإيمان بالخالق، فهلاً نظرتم إل الطير نظرات تأمل واعتبار، ولما كان الغالب عند الطير فتح الجناح قال تعالى صافات باسم الفاعل، ولما كان القبض متجدداً عبر عنه الفعل، فهل تفكرتم في ذلك، وتساءلتم من يمسك هذا الطير أن يقع، إنه الله الذي بكل شيء بصير، فلا يغفل عنه شيء، وكل واقع تحت بصره الذي أحاط بكل شيء.
يقول تعالى "أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ"
فمن من اعوانكم ينصركم من الله إن أنزل بكم عذابه، فالكافرون في جهل عظيم وضلال مبين، حيث أنهم اعتقدوا أن الألهة من دون الله تنفع أو تضر.
قال تعالى " أَمْ مَنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ" فإن أراد الله تعذيبكم بمنع الرزق عنكم، من يرزقكم من دون الله، ورغم وضوح الحقيقة إلا أن الكفار أصروا في تماديهم في الطغيان وفرارهم من الحق والإيمان.
قال تعالى:" أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " ثم ضرب الله مثلاً للكافر وللمؤمن، فالكافر الذي تمادى في طغيانه وفر من الحق والإيمان، يمشي منسكاً وجهه فلا يرى الحق، فهل هو أهدى أم ذلك الذي انتفع بالحق فهو على صراط مستقيم لا اعوجاج في سيره.


الصفحة التالية
Icon