قال تعالى : قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ " ثم يأمر الله نبيه أن يخبر الناس أن الله تعالى هو الذي أوجدهم من العدم وخلق لهم السمع والأبصار والأفئدة، ومع ذلك قليل منهم من يشكر الله جل جلاله، وهو بتذكيره لهم بنعمه الجليلة يعرفهم على قبح ما هم فيه من الكفر والإشراك، فلعلهم يراجعوا حساباتهم فيؤمنوا بمن انعم عليهم بهذه النعم الجليلة، وإنما خص الله ذكر السمع والبصر والأفئدة لأنها أدوات العلم والفهم(١)، فكأن الله يعيب عليهم عدم استخدامها في الوصول إلى معرفته جل جلاله، ثم يذكر الله نعمة تكثيرهم في الأرض فيقول :" قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ" وبعد تكثيرهم يموتون وإلى الله يحشرون، وعلى أعمالهم يحاسبون.
علاقة الآيات بما قبلها :
لما ذكر الله إنعامه على عباده، ذكر مغبة إنكار العباد لنعمه، وأن الله تعالى قادر أن يحول من النعمة نقمة، وفي ذلك إرشاد للناس لضرورة شكر الله على نعمه.
وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٥) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٢٦) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آَمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (٣٠)

(١) الصابوني صفوة التفاسير، دار القرآن الكريم، الجزء ١٩ صفحة١١


الصفحة التالية
Icon