وهناك طريقة أخرى مطولة أحسبها أنا أنفع للمتعلمين لأنها وإن كانت مطولة والتفسير الذي يقطع معها قليل لكنها تضع أصولا لطالب العلم بالتفسير يمكنه معها إذا فهمها أن يقيس عليها وأن يطلب علم التفسير على منوالها:
وهي أن يؤخذ في فهم الآية بالمعنى العام أولا المعنى الإجمالي الذي يحتاجه طالب العلم في فهم المعنى العام للآية وهو الذي تعتني به بعض التفاسير الذي يسمى تفسير الإجمالي للآية.
ثم بعد ذلك يؤتى للتفسير التفصيلي للآية في فهم معانيها ومفرداتها وما فيها من البلاغة وتركيباتها؛ لأن في هذا من العلم بإعجاز القرآن، والعلم بأنواع من العلوم المهمة، العلم بالسنة، العلم بالعقيدة في تقرير التوحيد، العلم باللغة بالاشتقاق بالبلاغة بالنحو، ونحو ذلك من العلوم المهمة التي ربما لم يهتم بها طالب العلم إلا إذا سمعها من جهة التفسير.
لهذا نقول التفسير فيمن رام تسير القرآن ينبغي أن يكون مستحضرا فيه أن القرآن نزل هاديا للناس، والله جل وعلا جعل القرآن نورا والقرآن شفاء لما في الصدور وهدى للناس وبينات، فهو مبين وهو هاد وهو نور.
وعلى هذا ينبغي أن يكون المفسّر في تفسيره للقرآن ينظر إلى أن المقصود منه أ، يهدي للتي هي أقوم ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾ [الإسراء: ٩]، وحال الناس في كل زمن مختلفة، فكل زمن الناس فيه بحاجة لهداية القرآن والقرآن يهدي للتي هي أقوم، والمفسر الذي يفسر القرآن أول ما يجب عليه أن ينظر إلى أن القرآن كتاب هداية، فيفسر القرآن ليهتدي به الناس.
فإذا كان الناس في مرض في نفوسهم بقلة تعبد مثلا كان تفسيره منظورا به إلى هذه الجهة.
إذا كان الناس في ضعف من الاهتمام بالعقيدة والتوحيد وعدم معرفة بتواطؤ الأدلة في ذلك، فإنه يعتني في تفسير القرآن ببيان حق الله جل وعلا وتوحيده وما كان عليه أهل الشرك من العبادات الباطلة، وهذا لاشك أنه في هذا الزمان أحوج ما نكون إليه.