كذلك إذا كان الناس في أمور في مجتمعهم أو في أنفسهم من منكرات فاشية ومن ضلالات فاشية أو تُفشى في الناس فيعتني المفسر ببيان مواقع الحجج على إبطال ذلك وإصلاح الناس وإصلاح المجتمع عن طريق تفسير القرآن؛ لأن القرآن نزل هاديا للناس وهو يهدي للتي هي أقوم.
ولاشك أن العناية بالتفسير غرض كل متعلم، وما أحسن ندم شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في آخر عمره على أنه لم يستغل طوال عمره بتفسير القرآن للناس نعم فسر القرآن في مواضع كثيرة، وما نقل عنه من تفسير القرآن هو كالشمس ضياء في وضوحه وبرهانه ودلالاته؛ لكن هو ندم على أنه لم يهدِ الناس عن طريق تفسير القرآن، وقد ذكر من ترجم له كابن عبد الهادي وغيره أنه مكث سنة كاملة يفسر سورة نوح وهي سورة قصيرة يفسر سورة نوح، مكث سنة كاملة يفسرها يوم الجمعة في مجلس له في التفسير، وهذا لا يكون له إلا على وجه التفسير المطول ليس التفسير الذي فيه بيان معاني الكلمات وحسب؛ بل التفسير المطول الذي يعرض فيه المفسر لما يحتاجه الناس من العلم بالتفسير، وهذا ولاشك هو أمثل الطرق لأن المقصود هداية الناس بالتفسير، وأما إسماع الناس التفسير فإن القرآن طويل، وتفسيره يأخذ أعمارا خاصة إذا لاحظنا أنه في مثل هذا الزمان لا يصبر الناس على دروس يومية في التفسير وإنما إذا صبروا صَبروا على درس واحد في الأسبوع أو اثنين في الأسبوع، وهذا لا يمكن معه أن يفسر القرآن كاملا إلا أن يُقرأ كتاب مختصر في التفسير ويعلق عليه تعليقات يسيرة فإنه ربما ختم في بضع سنين.
هذا العلم بالتفسير الذي كان عند شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وورثه لأصحابه رحمهم الله تعالى على هذه الطريقة، هذا يحتاجه الناس ولاشك فالقرآن هو الشفاء وهو الهداية، من رام الهدى في غيره أضله الله، ولكن الشأن في فهم معاني القرآن، هل كل يفسر....