فسر النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ آيات كثيرة من القرآن فيما نقل إلينا؛ لكن لم يُنقل إلينا من النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ فسر أكثر القرآن؛ بل إنما كان تفسيره عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ للقرآن فيما نُقل إلينا كان ليس بالكثير، قد ثبت أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ فسر القوة مثلا بالرمي في قوله تعالى ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ﴾ [الأتفال: ٦٠] فقال «ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي». وفسّر عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قوله جل وعلا ﴿غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: ٧]، بأن المغضوب عليهم هم اليهود وأن الضالين هم النصارى، وكذلك فسّر عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ الزيادة في قوله تعالى ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦]، بأنها النظر إلى وجه الله الكريم.
ولكن مع ثبوت كثير من التفسير عنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لكن لم يفسر للصحابة كل القرآن؛ نعم بيّن لهم معاني القرآن وأفهمهم معاني القرآن بحسب حاجاتهم.
وهكذا من بعد الصحابة من التابعين، الصحابة نقلوا لهم التفسير الذي سمعوه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو الذي أُوتوه من العلم بالقرآن بمعاني آي الذكر الحكيم، وكان نقلهم لذلك قليلا بالنسبة لما تكلم به المفسرون بعد ذلك من تفسير آيات القرآن؛ وذلك لأن القرآن -كما ذكرت لك آنفا- نزل بلسان عربي مبين، والناس إذا اعتنوا باللغة فهموا كثيرا من القرآن، وربما لم يعلموا بعض الآي وذلك لعدم العلم ببعض اللغات أو لأسباب أخر تأتي في موضعها مفصلة إن شاء الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon