كذلك من مميزات تفسير الصحابة أنهم أهل اللسان وأهل اللغة، والقرآن نزل بلسان عربي، ومعنى ذلك أنه يُفهم باللسان العربي، وفهمهم للغة ليس محل احتجاج ولا محل استدلال؛ لكن كانوا يعلمون ذلك من منثور كلام العرب ومن منظوم كلام العرب، ومرّ معنا ما استشهد به الرجل الهذلي في معنى قوله تعالى ﴿أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ﴾ [النحل: ٤٧]، رُوي أن عمر قال بعد أن سمع ذلك من الهذلي قال: عليكم بديوان العرب فإن به فهم كلام ربكم. ويعني بديوان العرب شعر العرب.
وقد روى الطبراني في المعجم الكبير وابن الأنباري في أول كتابه الوقف والابتداء وجماعة أسئلة نافع ابن الأزرق المشهورة لابن عباس، وقد كان ابن عباس رَضِيَ اللهُ عنْهُم يُكثر تفسير القرآن، وكان يفسر أو يجيب على من يسأل على التفسير في فناء الكعبة، وكان في فناء الكعبة في ناحية من المسجد نافع ابن الأزرق وصاحب له، فقال نافع وهو من الخوارج لصاحبه: قم بنا وقد كان ابن عباس رَضِيَ اللهُ عنْهُم يكثر تفسير القرآن وكمان يفسر أو يجيب على من يسأل على التفسير في فناء الكعبة فكان في فناء الكعبة في نحاية من المسجد نافع ابن الأزرق وصاحب له.
فقال نافع وهو من الخوارج لصاحبه: قم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير القرآن. يعنون به ابن عباس، وهذا من أنواع جرأة الخوارج على أهل العلم على الصحابة رضوان الله عليهم.
قال: قم بنا إلى هذا الذي يجترئ على تفسير كلام الله جل وعلا نسأله عن مصادقه من كلام العرب.
فقاما فقالا: يا ابن عباس إنا سائلوك عن آية من القرآن لتخبرنا بمعانيها، وتبين لنا مصادق ما تقول من كلام العرب.
فقال ابن عباس لنافع ولصاحبه: سلا عما بدا لكما.
فقال نافع: أخبرني عن قول الله جل وعلا ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ [المائدة: ٣٥] ما الوسيلة؟
فقال ابن عباس الوسيلة الحاجة.
فقال نافع وهل تعرف العرب ذلك؟