بعد ذلك بعد زمن الصحابة نشأت مدارس على أثر تفسير الصحابة للقرآن:
فنشأ في مكة مدرسة التفسير معلمها عبد الله بن عباس رَضِيَ اللهُ عنْهُ الذي دعا له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن يعلمه الله التأويل فقال «اللهم علمه التأويل» وفي لفظ آخر «اللهم فقهه في الدين وعلمه الكتابة» ونحو ذلك من الألفاظ التي فيها دعاء النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ لابن عباس أكثر من مرة؛ يعني في أكثر من موضع.
وابن عباس تميزت مدرسته بحذق التفسير وبحسن الكلام عليه.
ومن تلامذته الذين نقلوا التفسير مجاهد ابن جبر أبو الحجاج العالم المعروف، فإنه عرض القرآن عن ابن عباس ثلاث مرات يوقفه عند كل آية يسأله عن معناها، ولهذا كان سفيان الثوري وغيره من أئمة الحديث يقولون: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فعليك به أو فحسبك. وذلك لأنه أخذه عن ابن عباس.
كذلك نقل عن ابن عباس أصحابه في مكة سعيد بن جبير وكعكرمة وكطاووس وجماعة فنشأت مدرسة التفسير في مكة، ثم توسعت هذه المدرسة في تبع التابعين وهكذا.
كذلك في الكوفة في بلد البلد التي سكنها عبد الله بن مسعود إثر بعث عمر له للناس هناك يعلمهم ويفقههم، نشأت مدرسة لعبد الله بن مسعود في التفسير.
وعبد الله بن مسعود رَضِيَ اللهُ عنْهُ ممن هو في الذروة في الصحابة في فهم كلام الله جل وعلا، وكثيرا ما يفسر القرآن بما يعلمه من أسباب النزول فإنه ممن أسلم قديما وكان يقرأ القرآن أحسن قراءة وقد قال في ذلك النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ «من سرّه القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» يعني عبد الله ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عنْهُ.
نشأ في الكوفة أصحاب ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عنْهُ نقلوا عنه التفسير وهكذا.
وكذلك في المدينة نشأ أصحاب أبي بن كعب، وكذلك ما نقل من التفسير عن علي رَضِيَ اللهُ عنْهُ.


الصفحة التالية
Icon