وَمِنْ الْأَقْوَالِ الْمَوْجُودَةِ عَنْهُمْ وَيَجْعَلُهَا بَعْضُ النَّاسِ اخْتِلَافًا أَنْ يُعَبِّرُوا عَنْ الْمَعَانِي بِأَلْفَاظِ مُتَقَارِبَةٍ لَا مُتَرَادِفَةٍ فَإِنَّ التَّرَادُفَ فِي اللُّغَةِ قَلِيلٌ.
وَأَمَّا فِي أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ فَإِمَّا نَادِرٌ وَإِمَّا مَعْدُومٌ.
وَقَلَّ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْ لَفْظٍ وَاحِدٍ بِلَفْظِ وَاحِدٍ يُؤَدِّي جَمِيعَ مَعْنَاهُ؛ بَلْ يَكُونُ فِيهِ تَقْرِيبٌ لِمَعْنَاهُ وَهَذَا مِنْ أَسْبَابِ إعْجَازِ الْقُرْآنِ.
فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا﴾ [الطور: ٩]، إنَّ الْمَوْرَ هُوَ الْحَرَكَةُ كَانَ تَقْرِيبًا إذْ الْمَوْرُ حَرَكَةٌ خَفِيفَةٌ سَرِيعَةٌ.
وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: (الْوَحْيُ) الْإِعْلَامُ، أَوْ قِيلَ: ﴿أَوْحَيْنَا إلَيْكَ﴾ أَنْزَلْنَا إلَيْك أَوْ قِيلَ: ﴿وَقَضَيْنَا إلَى بَنِي إسْرائِيلَ﴾ [الإسراء: ٤] أَيْ أَعْلَمْنَا وَأَمْثَالُ ذَلِكَ؛ فَهَذَا كُلُّهُ تَقْرِيبٌ لَا تَحْقِيقٌ، فَإِنَّ الْوَحْيَ هُوَ إعْلَامٌ سَرِيعٌ خَفِيٌّ، وَالْقَضَاءُ إلَيْهِمْ أَخَصُّ مِنْ الْإِعْلَامِ فَإِنَّ فِيهِ إنْزَالًا إلَيْهِمْ وَإِيحَاءً إلَيْهِمْ.
[الشرح]
الكلام على الترادف هذا مهم للمفسر جدا، وكما ذكر شيخ الإسلام أن الترادف في القرآن قليل نادر أو معدوم، يقول في اللغة قليل وفي القرآن نادر أو معدوم، والصواب أنه معدوم لا يوجد كلمة في القرآن تساوي الكلمة الأخرى بجميع معانيها؛ بل يكون تفسيرها تقريبا لها، وهذا التقريب قد يكون فيه تنازع من جهة المفسرين؛ لأن كل واحد يقرّب المعنى ببعضه.