فإذا فسر المور كما ذكر في قوله ﴿يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا﴾ قال المور الحركة، قال آخر المور نفوذ في سرعة، فهذا وهذا كله مقرّب، المور كلمة في اللغة معناها ليس هو الحركة فقط؛ بل هو الحركة وزيادة، حركة وزيادة أشياء، كل كلمة نفسر في القرآن ليس تفسيرها تحقيقا؛ يعني أن تفسيرها هو معناها بالمطابقة؛ يعني لا تخرج منه أبدا، هذا ليس كذلك لهذا نقول إن تفسير المفسر هو نقل للمعاني.
ومن هذا الوجه مُنعت ترجمة القرآن حرفيا؛ لأنه لا يمكن أحد أن يترجم القرآن بمعانيه وإنما يمكنه أن ينقل تفسيره، ينقل معاني القرآن يذكر بعض كما دلت عليه مما يفهمه المفسر، أما اللفظ نفسه فإنه في اللغة لا يمكن أن تفسر شيء بشيء.
تقول مثلا: العهن هو الصوف ﴿كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ﴾ [القارعة: ٥]، العهن كالصوف لا العهن صوف في حالة خاصة، العهن صوف في حالة خاصة.
مثلا في قوله ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ نقول كوت صارت كرة أو كالكرة، هذا تقريب؛ لأن التكوير هو جعْلها كرة مع الزيادة أوصاف.
في قوله مثلا ﴿فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ [الرحمن: ٣٧]، قال: الوردة ما كان فيه حمرة مع تفتّح. هذا تقريب أيضا؛ لأن الوردة قد يفهم العربي معناها لكن يُقرِّب المعنى في كلمتين تارة في ثلاث كلمات تارة يقرب معنى الكلمة في أربع، وهذا من عجائب أسرار اللسان العربي.
أما غيره من الألسنة فيكثر فيها أن تعبر الكلمة بأخرى.
مثل فاسعوا السعي والمشي، يقول لك: السعي هو مشي سريع هذا أيضا تقريب، السعي مشي سريع لكن فيه أيضا معنى القصد مع ذلك يعني مشي سريع من جهة القصد والرغبة، وهكذا.
فإذن نقول: مما ينبغي أن يعتني به المفسِّر والمطالِع في التفسير أن يعلم أن أخذ معنى الكلمة من معجمات اللغة أنه ليس تفسيرا للألفاظ بمعناها العام وإنما هو تقريب.