القول الثاني أن هذا ليس بصحيح؛ بل الفعل إذا كان الجادة أن يُعدى بنفسه أو يعدى بحلاف جر ثم خولفت الجادة، وأوتي بحرف جر آخر؛ ليس معنى هذا الاختلاف من المتكلم أنه يريد بالحرف الثاني هو الحرف الذي هو حرف الجادة، مثل هنا يريد بـ ﴿إلَى نِعَاجِهِ﴾ مع نعاجه، هذا ما يكون في الكلام عمق؛ ولكن يقول نحاة البصرة كما ذكر وهو التحقيق وهو الصحيح وهو كثير في القرآن يقولون: إن تعدية الفعل بحرف جر لا يناسب معناه أن يثبت معنى الفعل الأصلي ومعه يثبت معنى فعل آخر مضمّن فيه في داخله يناسب حرف الجر.
فالعربي يريد أن يفهم شيئين بكلامه؛ يريد أن يفهم فعلين، كيف هل يكرر الفعل؟ هو أتى بفعل قال ﴿لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ﴾ قال جل وعلا سبحانه وكلامه باللسان العربي المبين قال ﴿لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إلَى نِعَاجِهِ﴾، هنا سؤال ﴿لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إلَى نِعَاجِهِ﴾ السؤال ما يتعدى بـ ﴿إلَى﴾ سأله كذا إلى كذا! فإذن يكون يريد السؤال ومع السؤال شيء آخر؛ فعل آخر نستنتجه من حرف الجر المذكور الذي هو ﴿إلَى﴾، فما الذي يناسب حرف ﴿إلَى﴾ ؟ في هذا يناسبه الضم} ضمّ شيئا إلى شيء، جمع شيئا إلى شيء.
فإذن هم سألوا ومع السؤال ضمّوا شيئا إلى شيء ﴿لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إلَى نِعَاجِهِ﴾، إذن هم سألوا وأيضا حصل منهم الضم وحصل منهم الجمع، وهذا نبه عليه بـ ﴿إلَى﴾، هذا كثير في القرآن.
مثلا قال ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ [طه: ٧١]، قالوا: ﴿فِي﴾ بمعنى على. ليس كذلك، التحقيق أن ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ أن التصليب أصلا لا يكون إلا على الجذع؛ ولكن ﴿فِي﴾ دلّت على فعل آخر ضمنه الفعل أصلب.


الصفحة التالية
Icon