والثَّانِيَةُ: قَوْمٌ فَسَّرُوا الْقُرْآنَ بِمُجَرَّدِ مَا يُسَوِّغُ أَنْ يُرِيدَهُ بِكَلَامِهِ، (١) مَنْ كَانَ مِنَ النَّاطِقِينَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى الْمُتَكَلِّمِ بِالْقُرْآنِ وَالْمُنَزَّلِ عَلَيْهِ وَالْمُخَاطَبِ بِهِ. (٢)
فالْأَوَّلُونَ رَاعَوْا الْمَعْنَى الَّذِي رَأَوْهُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَا تَسْتَحِقُّهُ أَلْفَاظُ الْقُرْآنِ مِنْ الدَّلَالَةِ وَالْبَيَانِ.
والْآخَرُونَ رَاعَوْا مُجَرَّدَ اللَّفْظِ، وَمَا يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ عِنْدَهُمْ بِهِ الْعَرَبِيُّ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَا يَصْلُحُ لِلْمُتَكَلِّمِ بِهِ وَلِسِيَاقِ الْكَلَامِ.
ثُمَّ هَؤُلَاءِ كَثِيرًا مَا يَغْلَطُونَ فِي احْتِمَالِ اللَّفْظِ لِذَلِكَ الْمَعْنَى فِي اللُّغَةِ كَمَا يَغْلَطُ فِي ذَلِكَ الَّذِينَ قَبْلَهُمْ، كَمَا أَنَّ الْأَوَّلِينَ كَثِيرًا مَا يَغْلَطُونَ فِي صِحَّةِ الْمَعْنَى الَّذِي فَسَّرُوا بِهِ الْقُرْآنَ كَمَا يَغْلَطُ فِي ذَلِكَ الآخَرُون، وَإِنْ كَانَ نَظَرُ الْأَوَّلِينَ إلَى الْمَعْنَى أَسْبَقَ وَنَظَرُ الآخرين إلَى اللَّفْظِ أَسْبَقُ.
[الشرح]
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما وعملا وخشية، يا أرحم الراحمين، أما بعد:

(١) قال الشيخ صالح: (أَنْ يُرِيدَهُ بِكَلَامِهِ) يعني فسروه بمجرد احتمال إرادة المتكلم من العرب بكلامه هذا المعنى لو تكلم بهذه الجملة. هذا ما يريد. والله أعلم.
(٢) انتهى الشريط الثالث.


الصفحة التالية
Icon