وكذا ما ورد في قوله تعالى :﴿... وليأخذوا حِذْرَهم... ﴾(١).
وأخذ [ الحِذْر ] هو : الاستعداد للأمر قبل وقوعه، بل وتَوَقُعِّه. ولعل ما يؤيد هذا قوله تعالى :﴿ وأَعِدُّوا لهم ما استطعتم من قوةٍ..﴾.(٢)
والإعداد يكون بتوقع الحدوث، قبل حقيقة الوقوع.
لقد أنكر القرآن الكريم على من لم يأخذ للأمر أُهبته، معتبراً ذلك دلالة عدم الصدق في العزم، في قوله تعالى :
﴿ ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدَّةً ولكن كَرِهَ الله انْبِعاثَهُم فثبَّطهُم وقيل اقْعُدوا مع القاعدين ﴾.(٣)
فالاستعداد للبلوى، وهي الحادثة التي يُبتلى الإنسان ويختبر بها في الدنيا، هو واجبٌ شرعي، وما قيل بغير هذا فهو لا يقوى أمام ما تقدم(٤).
ونعود إلى ما ورد في آخر سورة لقمان، وهو قوله تعالى :
﴿ إنَّ الله عنده علم الساعة ويُنزِّلُ الغيث ويعلم ما في
الأرحام، وما تجري نفسٌ ماذا تكسب غداً وما تدري نفسٌ بأيِّ أرضٍ تموت إنَّ الله عليمٌ خبير ﴾
لقمان / ٣٤.
فإنَّ ما قيل في تفسيرها ـ وهو كثير ـ يوقع الناظر فيها، في مأزق ديني كبير حين توصل الباحثون إلى معرفة نوع الجنين، ولكن هذا المأزق بعون الله زائل، فسنجد : أخباراً، وآثارأ، ونذكرهما في فرعين :
الفرع الأول
الأخبار الواردة في الباب
فالروايات عن رسول الله - ﷺ - قد يُفهم من ظاهرها : حصر العلم بهذه الخمسة التي وردت في الآية بالله - عز وجل -، نورد منها الآتي :
أ. ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - من حديث طويل :

(١) سورة النساء / الآية ١٠٢.
(٢) سورة الأنفال / الآية ٦٠.
(٣) التوبة / الآية ٤٦.
(٤) لا يؤيد البعض الخوض في المسائل قبل وقوعها.


الصفحة التالية
Icon