إنَّ هذا الموضوع من الأهمية بمكان، إذ يترتب عليه تزعزع إيمان أقوام، أو ثبات إيمانهم. فالشباب اليوم – والحمد لله – ممن يُكثر قراءة القرآن الكريم، وهم فضلاً عن ذلك يسمعون آخر ما توصل إليه العلم التطبيقي والتجريبي، وهذا العلم يقيني باتفاق المسلمين كما هو مصرَّح به في مظَانِّه، ولا نريد أن نُكثر من القول فيما هو مسلَّم الثبوت. فلا بد لهم من مُخْرِج، وتوفيق دقيق بين الأمرين، بما يوافق الكتاب العزيز ونظمه، وبديع تركيبه وفهمه، وكذا فهم ما ورد في السنة، وأقوال علماء الأمة.
فأقول وبالله التوفيق :
إن هذه المغيبات الخمس المذكورة في سورة لقمان، تختلف درجة غيبيتها، ومدى استئثار الله بحقيقتها، وذلك بتفصيل نبيِّنه ـ إن شاء الله ـ بفروعٍ ثلاث، وكالآتي :
} - - - ﴿
الفرع الأول
علم الساعة
وهذا لا جدال بأن الله قد خص نفسه بعلمها من حيث التفصيل، من معرفة اليوم والساعة، و أفي الليل هي أم في النهار.... الخ.
أما العلم بها من حيث الجملة، فهذا معروف للنبي - ﷺ - وللمسلمين، فمنذ زمن بعثة الرسول - ﷺ - فإن موعد الساعة أضحى قريبا، لقوله - ﷺ - :
{ بُعثت أنا والساعة كهاتين ﴾
وساوى بين السبابة والوسطى - ﷺ -.
وقال الأمام أبو الثناء الآلوسي في تفسيره :[ وقوله - ﷺ -... يدل على أكثر من العلم الإجمالي بوقتها، ويُرشد إلى العلم الإجمالي بها ذكر أشراطها كما لا يخفى... ].(١)
ويؤيد هذا أسلوب التعبير عن علم الآخرة في الآية، حيث قال - ﷺ - :
﴿ إن الله عنده علم الساعة... ﴾، فعلمها أضافه إلى نفسه - جل جلاله - مما يدل على مزيد الاختصاص.