فغوثهم ] هلاكهم، كما جعلوا من [ غوثهم ] في الدنيا ـ وهي الأحكام ـ إلى ما يُهلكهم، وقد تحقق الآن الهلاك !!، فيا لله للبلاغة واللفتات في هذا النظم البديع، البعيد في موالفة المعاني !!.
ومما يؤيد أنَّ الكلام في الآية هو عن الغيث النافع، لا عموم المطر، ما ورد في أسباب نزول الآية، فقد أخرج ابن المنذر عن عكرمة، أنَّ رجلاً يقال له : الوارث بن عمرو جاء إلى النبي - ﷺ - فقال :
[ يا محمد متى قيام الساعة ؟.
وقد أجدبت بلادنا فمتى تخص ؟.
وقد تركت امرأتي حبلى فما تلد ؟.
وقد علمت ما كسبت اليوم فماذا اكسب غدا ؟
وقد علمت بأي ارض ولدت فبأي أرض أموت ؟ ].
فنزلت هذه الآية.
وقد أخرج نحوه محييِّ السنة البغوي، والواحدي، والثعلبي(١). فسؤال الأعرابي عمَّا يُخصب، والذي يُخصب هو الغيث الناعم لا المطرالشديد الذي تتشاءم منه العرب، لأنَّه مهلكة للضرع، ولا ينفع الزرع، ويُخرِّب كل شيء.
فغوثهم بمطر نافع، يُنبت الزرع، ويحفظ الضرع، إذ ليس كلُّ مطر غيثاً، بل :
ج. قد أطَّرد استعمال القرآن الكريم [ للمطر ] في الضار منه، وللغيث في النافع إلاَّ ما كان على سبيل التهكم بالكافرين.
يقول تعالى :
﴿ وأمطرنا عليهم مطراً فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ﴾الأعراف/٨٤.
ويقول تعالى :
﴿ وأمطرنا عليهم حجارة من سجِّيل ﴾ هود/ ٨٢، والحجر /٧٤.
ويقول تعالى :
﴿ فأمطرنا عليهم حجارةً من السماء ﴾ الأنفال /٣٢.
وقال تعالى :
﴿ ولقد أتوا على القرية التي أُمطرت مطر السوء ﴾. الفرقان /٤٠.
وقال تعالى :
﴿ ولا جناح عليكم إذا كان بكم أذىً من مطر ﴾. النساء /١٠٢.
وقال تعالى :
﴿ فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتم قالوا هذا عارضٌ مُمْطِرُنا..﴾
إلأحقاف / ٢٤.
هذا كل ما ورد في القرآن الكريم للفظة [ المطر ] ومشتقاتها، وكلُّ استعمالاتها كان في الضَّار دون النافع.