المطلب الثالث
ظنيَّة المعرفة بنزول الغيث والمطر
الذي نخلص إليه إذن، أنَّ المرء لا يستطيع أن يعرف بنزول الغيث ولا المطر، بل معرفته بنزولهما هو [ ظن ] لا غير بالنظر في: [الأمارات ].
والأمارة : هي غير الدليل، فالأولى طريقٌ إلى الظن، والثاني طريق إلى القطع والجزم اليقين، فلا قطع إذن وإن رأينا السماء ملبدة بالغيوم، والهواء الذي يهب رطباً، فكل ذلك [ أمارات ] لا [ أدلة ]، والواقع يؤيد هذا، فقد يحصل كل ذلك ولا تجود السماء، وقد تتلملم الغيوم بسرعة من غير مقدمات، فتسيل الوديان أنهارا، وينزل المطر مدراراً.
*****
المطلب الرابع
غيبيَّة المعرفة بنزول الغيث
إنَّ معرفة نزول الغيث يقيناً غير ممكن، وإنْ عرفنا قبل نزول المطر بظنٍ راجحٍ قبيل نزوله، فمما لا يُعرف أنَّ ما سينزل سيكون نافعا [غيثاًً]، أو غير ذلك [ مطراً ].
وهذا الفهم يؤيده ما ورد عن الإمام الآلوسي [ رح ] حين قال :
[... وينزل الغيث : أي في إبَّانه من غير تقديم ولا تأخير، في بلد لا يتجاوزه به، وبمقدار تقتضيه الحكمة، ... والمقصود [ تقييدات ] التنزيل الراجعة إلى العلم، لا محض القدرة على التنزيل أو لا إذ لا شبهة فيه، فيرجع الإختصاص إلى العلم : بزمانه، ومكانه، ومقداره... ].(١)
وقال البروسوي في روح البيان :[... وسمي المطر غيثا لأنه غياث الخلق، به رزقهم، وعليه بقاؤهم فالغيث مخصص بالمطر النافع، أي وينزِّله في زمانه الذي قدره من غير تقديم وتأخير، إلى محله الذي عيَّنه في علمه من غير خطأ وتبديل، فهو متفرد بعلم : زمانه، ومكانه، وعدد قطراته... ].(٢)
******
(٢) ٣٦) روح البيان – ٧ / ١٠٣.