فلا تعارض فيما يقوم به البعض اليوم في ضوء التقدم العلمي، وبين النصوص إذن، فلو قال قائل : فلان يصنع الإلكترونيات، فلا يعني هذا نفي صناعتها عن غيره، بل ذلك بيان لما وصل إليه من معرفة، أو هي إخبار مجرد، والمقام يحدد كون الأمرين مطلوبين، أم أحدهما.
********
ويؤيد هذا الفهم ما أشار إليه الإمام الآلوسي [ رح ] بقوله :
[ ولم يراع هذا الأسلوب.. بأن يقال : يعلم الغيث مثلاً، إشارة بإسناد التنزيل إلى الاسم الجليل صريحاً إلى عِظم شأنه، لِما فيه من كثرة المنافع لأجناس الخلائق، وشيوع الاستدلال بما يترتب عليه من إحياء الأرض على صحة البعث ].(١)
فالقرآن الكريم يريد أن يقول للأعرابي :
[ يا أيها السائل إنك تسأل عن الساعة أيَّان مُرساها، وأنَّ من الأشياء ما هو أهم منها لا تعلمه، فإنَّك لا تعلم معاشك ومعادك، وإنَّك لا تعلم ماذا تكسب غداً، مع أنه فعلك وزمانك، ولا تعلم أين تموت، مع أنَّه شُغلك ومكانك، فكيف تعلم قيام الساعة متى تكون والله تعالى ما علمك كسب غدك ؟، ولا علمك أين تموت مع أن لك في ذلك فوائد شتى ؟، وإنما لم يعلمك لكي تكون في كل وقت بسبب الرزق راجعا إلى الله تعالى، متوكلاً عليه سبحانه، ولكيلا تأمن من الموت إذا كنت من غير الأرض التي أعلمك سبحانه أنك تموت فيها، فإذا لم يُعلِّمك ما تحتاج إليه كيف يُعلِّمك ما لا حاجة لك إليه، وهو وقت القيامة، وإنَّما الحاجة إلى العلم بأنها تكون، وقد أعلمك جل وعلا بذلك على ألسنة أنبيائه ].(٢)
(٢) ٣٨) المرجع السابق-٢٠ /١١١.