ولتغييب الأحكام حكمٌ، يحتاج بعضها ـ كتغييب بدء الشهور ـ إلى إفراد البحث بها، ولعلَّ الله عزَّ وجلَّ يهيء لنا ذلك.
وفي خصوص حكم هذه المغيَّبات التي نحن بصددها، نستطيع أن نورد الآتي، في مطالب متتالية :
********
المطلب الأول
في
الحكمة الأولىً
تعليمهم أن كثرة السؤال مضيعة لكلِّ شيء، وخاصَّة في تفصيلات هي خارجة عن نطاق اهتمام الأديان ـ وسنأتي لهذا قريبا ـ، ففي الأخبار: أن رسول الله - ﷺ - نهى عن : قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال(١).
وحين سئل - ﷺ - عن الحج : أفي كل عام ؟ قال :
﴿... ذروني ما تركتم فإنَّما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا أمرتكم بشيء فخذوا به ما استطعتم، وإذا نهيتم عن شيء فاجتنبوه... ﴾.(٢)
وفي التنزيل الحكيم :
﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تُبْدَ لكم تسؤْكم وإن تسألوا عنها حين يُنزَّل القرآن تبدَ لكم، عفا الله عنها والله غفور حليم، قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين ﴾.(٣)
********
المطلب الثاني
في
الحكمة الثانيةً
تعليمهم أنَّ بعثته - ﷺ - لم تكن للإخبار من المغيَّبات حسب، فالإخبار عنها غير مقصود لذاته، بل لنفع يُرتجى، فالإخبار عن الماضي، قد يكون :
(٢) ٤٠) سنن النسائي بشرح السيوطي ـ ٣ / ١١٠-١١١، وراجع :
مسند ابن حنبل، والدارمي، والترمذي | والألفاظ متقاربة ( المعجم المفهرس ـ ٤ / ٤٣٨ ). |