وقد يخبر القرآن عن المستقبل الدنيوي على وجه العموم، لا في حادثة بعينها، بل لمن يتمتع بصفة معينة، كوراثة الأرض لمن يثبت على المحجة البيضاء، ويسير على المهيع الأرشد.(١)
********
أو يكون إخباراً عن الحياة الأخرى وما فيها من نعيم مقيم، أو جحيم أليم، للمطيعين والعصاة، وكل ذلك ليمتثل الممتثلون في الدنيا، خوفاً وطمعاً في الآخرة، ورغباً فيها ورهباً منها، فتُوظَّف فكرة الحياة الأخرى وما فيها لسعادة الإنسان في الحياة الدنيا، (٢)وقل نفس الشيء عن بيان عاقبة الصبر(٣)، وعاقبة الدنيا(٤).
********
فما لم يكن للإخبار به من المغيبات منفعة تُستفاد دوما، سواء أكانت المنفعة دينية أم دنيوية، فإن ذلك يكون لا جدوى منه، ولا طائل تحته إلا ما كان على سبيل الإعجاز، فإذا لم يكن المقام مقام إلزام بإقامة الحجَّة، فما نفع أخبار عن وقوع مطر لمرةٍ، أو حتى لعدة مرات ؟!.
********
أما الإخبار عن الساعة، فعدم الإخبار هو عين الحكمة من وجودها ليكون المرء مترقباً لها، خائفاً من حلولها، مستعداً لوقوعها. ولو عُلِمت لتوانى الإنسان، وتراخى، بالعزم والحزم، والهمِّ بالقربات والطاعات إلى قُريب حلولها !!.
********
(٢) ٤٥) كقوله تعالى :{ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ﴾ القصص / ٨٤.
(٣) ٤٦) كقوله تعالى :﴿.. إنَّه من يتقِِ ويصبِر فإن الله لا يُضيع أجر المحسنين ﴾ يوسف / ٩٠.
(٤) ٤٧) كقوله تعالى :﴿... اتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم ﴾ البقرة / ٢٨٢.