فالعلم المقصود هو القطع واليقين، لا الظن، فالظن قد لا يتحقق، والأمارات لا تُعطي [ بتاتاً ]، والكلام في القطع الثابت المصيب الدقيق، فهذا ما لم يُعْطه أحدٌ إلاَّ في حدود ما منَّ به الله على بعض رسله.
فـ [ العلم : اليقين الذي لا يدخله الاحتمال، هذا هو الأصل فيه لغة، وشرعا، وعرفا ].(١)
فبعض ما لم يكن يعرفه الرسول - ﷺ - يقيناً ـ وهو الذي نفى الرسول - ﷺ - العلم به – قد يعرفه الآخرون ظناً، ولكن شتان بين : العلم والظن، فلا تنافيَ إذن.

(١) ٤٩) مجمع البحرين – مادة [ علم ]، وقد يأتي العلم بمعنى : الاعتقاد الراجح المستفاد من سند، سواء أكان يقيناً أم ظناً، منه قوله تعالى:﴿... فإن علمتموهن مؤمنات... ﴾ قالوا : أراد الظن المتاخم للعلم لا العلم حقيقة، فإنه غير ممكن. وقد يأتي بمعنى : المعرفة، كما جاءت المعرفة بمعنى العلم لاشتراكهما في كونهما مسبوقين بجهل، لكن إذا كان العلم بمعنى :[ اليقين ] تعدى إلى مفعولين، وإذا كان بمعنى :
[ المعرفة ] تعدى إلى مفعول واحد. على أنه في ذلك كلام غير هذا، فالله تعالى لا يسمى [ عارفا ]، ويسمى [ عالما ]، فليس الأول من أسمائه الحسنى، لأن المعرفة ما سبق بالجهل، دون العلم الذي لا يعني ذلك بحقه، وإطلاق [ العلم ] على المخلوقين يقصد به: [ المعرفة ]، لأنهم لم يكونوا عالمين قبل علمهم، وقد يطلق العلم ويراد به: [ التميز ]. وقد يطلق ويراد به معنى :[ شَعَر ]، تقول علمت بقدومه. " راجع : مجمع البحرين – المرجع السابق ".


الصفحة التالية
Icon