وبقوله جلَّ وعلا :﴿عالم الغيب فلا يُظهر على غيبه أحداً، إلاَّ من ارتضى من رسول ﴾.(١)
وربَّ قائل يقول : قد يُخبر المنجمون، والناظرون في الكواكب والأنواء وغيرهم ببعض ما يَصدُق، فكيف يكون إخبارهم صدقا ؟!.
نقول : إنَّ الصدق قد يحصل لهم اتفاقاً، أو عادة، أو بالنظر في الأمارات.
والإتِّفاق : هو الصدفة، وهي إن صدقت مرة، فقد تكذب مرات، وإن تلازمت مع نتيجتها مرة، تخلفت النتيجة مرات، فلا يعد حينئذ ذلك دليلا على الصدق، ما لم يكن التلازم مطلقا لا تخلف فيه.
والعادة : هي ما عُرف من تكرُّر حدوث شيء بسبب ظاهرة كونية، كتغيُّر الفصول أو غيرها، أو ما عُرف من خُلُق إنسان أو ظرفه. وكل ذلك لا يُعطي يقيناً، ولا علماً بل ظناً، وقد يكون الظن راجحا في بعض الأحيان، ويؤخذ به في أحوال في أمور الفقه لا العقيدة، وهو لا يصل إلى مرتبة القطع أو العلم بحال.

(١) ٥٥) الجن / ٢٦ – ٢٧ ومما يؤيد أن ما لم يطلع الله - جل جلاله - رسوله - ﷺ - على مغيَّب فإنه يستوي مع الناس فيه، ما رواه البيهقي في دلائل النبوة عن عائشة رضي الله عنها قالت :[... كان رسول الله - ﷺ - إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه، فقلت : يا رسول الله الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر، وأراك عرف في وجهك الكراهية، قال :﴿ يا عائشة، وما يأمنني أن يكون فيه عذاب؟ وقد عذب قوم بالريح، وقد أتى قوما العذاب، وتلا رسول الله - ﷺ - :


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
{ فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا.. ﴾ } ـ ( الدلائل – ١/٢٣٢ ).