فإذا كان :[ العلم ] اليقيني بنزول [ الغيث]) دون عموم المطر، هو.. [ عند ] الله كعلم الساعة، فالاختصاص محدَّد الجوانب، فإن هذا الاختصاص، لا يتسنى في الذي في الأرحام، فتدبر!.
*****
المطلب الثاني
النصوص القرآنيَّة المؤيِّدة للفهم السابق
تأييداً لِما تقرَّر من أن العدول في النظم القرآني، كان لفائدةٍ، ونكته يقتضيها المقام، وهي نفي الحصر لإنزال الغيث بالله تعالى، بل هو لحصر العلم به، ونفي حصر علم ما في الأرحام به - عز وجل -، بل الكلام مسوق لحصر الخلق، وصفات المخلوق في الأرحام ـ كما سيأتي ـ، فإننا نورد هنا بعض استعمالات [ علم ]، ومشتقاتها في القرآن الكريم، فهذه الاستعمالات لا تنبئ بنفي العلم عن غير العالم.. وإليكها :
أولاً
صيغة التفضيل [ أعلم ]
ورد استعمالها في القرآن الكريم : تسعا أربعين مرة.
وأسم التفضيل هو : أسم مشتق على :[ أفعل ]، يدل غالباً على أن شيئين اشتركا في معنى، وزاد أحدهما على الآخر في هذا المعنى.
وقوله :[ غالباً ]، ليُخرج به مثل.. أكرمت القوم أصغرهم وأكبرهم. ففي :[ أصغرهم ]، و [ أكبرهم ]، لا يراد بها معنى التفضيل، بل الاستغراق(١).
إنَّ [ سبعاً وأربعين ] استعمالاً لإسم التفضيل في القرآن الكريم من الفعل [ علم ]، تدل على اشتراك العلم وزيادته ممن فُضِّل يه، وغالبا هو الله - عز وجل - في تلك النصوص. وإن وردت في بعضهما على مطلق العلم.(٢)
وإن استعمالين أثنين فقط، وردا بما يدل على انحصار العلم بالله - عز وجل - دون اشتراك غيره معه، لأن السياق يأبى الإشتراك، وذلك في قوله تعالى :
﴿ الله أعلم حيث يجعل رسالته ﴾.(٣)
فلا يعني أن هناك من يعلم أين يجعل الله رسالته.

(١) ٧٠) راجع موسوعة النحو والصرف والأعراب - ٦٠.
(٢) ٧١) من ذلك قوله تعالى :﴿... ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء... ﴾. الأعراف / ١٨٨.
(٣) ٧٢) الأنعام / ١٢٤.


الصفحة التالية
Icon