أما فيما يتعلق بما في الأرحام فيتعلق بالجزم المُسبق، بأن الذي سيكون في الرحم ذكراً، أو أنثى، أو غيره [ كالخنثى ]، فهذا لا ينفي أن يُعلم بعد [ كونه] في الرحم، فإذا عُلم فهو [ ظن ]، وليس علماً يقيناً، كما لا يُساعد العلم به، على معرفته كونه أحمر، أو أصفر... الخ، أو كونه شقياً، أم سعيداً.
ولهذا فإن الآية مسوقة لنفي علمهم اليقيني، وعلمهم إذا كان بطرق الظن فإنه لا يورث إلا ظناً، فمن ذلك كان الإطباء يقولون :[ إذا كان الثدي الأيمن مسوَّد الحلمة فهو ذكر، وإن كان في الثدي الأيسر فهو أنثى، وإن كانت المرأة تجد الجنب الأيمن أثقل فالولد أنثى، وادعاء ذلك عادةً، لا واجباً في الخلقة، لم يكفَّر ولم يُفسَّق ](١).
ولا يفوتنا أن نذكر هنا أن المعنى المقصود من هذه الأخبار ـ وهي أخبار آحاد ـ، والآثار مثلها، لا يمكن الجزم بها لصالح أيِّ من الفريقين، لأنَّ هذه [ أدلة قد داخلها الاحتمال، فلا يصح بها الاستدلال على الخصوم ].(٢)
ثم إذا كان [ لا كلام في صحة الحديث من حيث الصناعة، لكن حكمه حكم أخبار الآحاد الصحيحة في المطالب العلميَّة ].(٣)وما نحن بصدده من المطالب العلميَّة أي التي يتوقف تقريرها على :[ اليقين ] و على ورود [ الدليل ]، لا على [ الأمارة ] ولا [ الظن ]. لأن العلم هو: البتات، والقطع، واليقين.
********

(١) ٨٨) القرطبي – ٧ / ٢.
(٢) ٨٩) المرقاة شرح المرآة.
(٣) ٩٠) محمد زاهد الكوثري ( رح ) في المقالات، مقالته عن مصنفات الطحاوي نقلا عن تعليق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في ص ٢١٥-٢١٦ على [ الموضوع في معرفة الحديث الموضوع لعلي القاري ]، ثم قال الشيخ أبو غدة معلقا على عبارة الكوثري :[ فأفاد بهذا الإنجاز البالغ أن الخبر على صحته لا ينهض في بابه وموضوعه، لأنه من المطالب العلميَّة التي تتوقف على اليقينيات وما قربها... ].


الصفحة التالية
Icon