ثم التعبير عن تلك المعاني، إن كان في ألفاظه اشتباه أو إجمال عبر بغيرها أو بين مراده بها؛ بحيث يحصل تعريف الحق بالوجه الشرعي؛ فإن كثيرًا من نزاع الناس سببه ألفاظ مجملة مبتدعة، ومعان مشتبهة، حتي تجد الرجلين يتخاصمان ويتعاديان على إطلاق ألفاظ ونفيها، ولو سئل كل منهما عن معنى ما قاله لم يتصوره، فضلا عن أن يعرف دليله، ولو عرف دليله لم يلزم أن من خالفه يكون مخطئًا بل يكون في قوله نوع من الصواب، وقد يكون هذا مصيبًا من وجه وهذا مصيبًا من وجه، وقد يكون الصواب في قول ثالث.
وكثير من الكتب المصنفة في [ أصول علوم الدين ] وغيرها، تجد الرجل المصنف فيها في [ المسألة العظيمة ] كمسألة القرآن والرؤية، والصفات والمعاد، وحدوث العالم وغير ذلك يذكر أقوالا متعددة، والقول الذي جاء به الرسول وكان عليه سلف الأمة ليس في تلك الكتب، بل ولا عرفه مصنفوها ولا شعروا به، وهذا من أسباب توكيد التفريق والاختلاف بين الأمة، وهو مما نهيت الأمة عنه، كما في قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾ [ آل عمران : ١٠٥، ١٠٦ ] قال ابن عباس : تَبْيَضُّ وجوه أهل السنة والجماعة، وتَسْوَدُّ وجوه أهل البدعة والفُرْقَة.