ولفظ [ الإنزال ] في القرآن قد يرد مقيدًا بالإنزال منه؛ كنزول القرآن، وقد يرد مقيدًا بالإنزال من السماء ويراد به العلو؛ فيتناول نزول المطر من السحاب، ونزول الملائكة من عند الله وغير ذلك، وقد يرد مطلقًا فلا يختص بنوع من الإنزال، بل ربما يتناول الإنزال من رؤوس الجبال، كقوله :﴿ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ﴾ [ الحديد : ٢٥ ]، والإنزال من ظهور الحيوان كإنزال الفحل الماء وغير ذلك. فقوله :﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ ﴾ [ النحل : ١٠٢ ]، بيان لنزول جبريل به من الله؛ فإن روح القدس هنا هو جبريل؛ بدليل قوله :﴿ قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ ﴾ [ البقرة : ٩٧ ] وهو الروح الأمين كما في قوله :﴿ وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ﴾ [ الشعراء : ١٩٢ـ ١٩٥ ]، وفي قوله :﴿ الأمين ﴾ دلالة على أنه مؤتمن على ما أرسل به، لا يزيد فيه ولا ينقص منه؛ فإن الرسول الخائن قد يغير الرسالة ـ، كما قال في صفته في الآية الأخرى :﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ﴾ [ التكوير : ١٩ـ ٢١ ]. وفي قوله :﴿ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ﴾ [ الأنعام : ٤١١ ] دلالة على أمور :