منها : أن يقال : إن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد كتب التوراة لموسى بيده، فبنو إسرائيل أخذوا كلام الله من الكتاب الذي كتبه هو ـ سبحانه وتعالى ـ فيه، فإن كان محمد أخذه عن جبريل، وجبريل عن الكتاب /كان بنو إسرائيل أعلا من محمد بدرجة.
وكذلك من قال : إنه ألقى إلى جبريل المعاني، وأن جبريل عبر عنها بالكلام العربي، فقوله يستلزم أن يكون جبريل ألهمه إلهامًا، وهذا الإلهام يكون لآحاد المؤمنين، كما قال تعالى :﴿ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي ﴾ [ المائدة : ١١١ ]، وقال :﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ ﴾ [ القصص : ٧ ] وقد أوحى إلى سائر النبيين فيكون هذا الوحي الذي يكون لآحاد الأنبياء والمؤمنين أعلى من أخذ محمد القرآن عن جبريل؛ لأن جبريل الذي علمه لمحمد هو بمنزلة الواحد من هؤلاء؛ ولهذا زعم ابن عربي أن خاتم الأولياء أفضل من خاتم الأنبياء، وقال : لأنه يأخذ من المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى الرسول. فجعل أخذه وأخذ الملك الذي جاء إلى الرسول من معدن واحد، وادعى أن أخذه عن الله أعلى من أخذ الرسول للقرآن، ومعلوم أن هذا من أعظم الكفر، وأن هذا القول من جنسه.