فصل


التفريق والتبعيض قد يكون في القَدْر تارة، وقد يكون في الوصف؛ إما في الكَمِّ وإما في الكَيْف، كما قد يكون في التنزيل تارة، وفي التأويل أخرى؛ فإن الموجود له حقيقة موصوفة، وله مقدار محدود، فما أنزل الله على رسله قد يقع التفريق والتبعيض في قدره، وقد يقع في وصفه.
فالأول مثل قول اليهود : نؤمن بما أنزل علي موسى دون ما أنزل على عيسى ومحمد، وهكذا النصارى في إيمانهم بالمسيح دون محمد، فمن آمن ببعض الرسل والكتب دون بعض فقد دخل في هذا؛ فإنه لم يؤمن بجميع المنزل، وكذلك من كان من المنتسبين إلى هذه الأمة يؤمن / ببعض نصوص الكتاب والسنة دون بعض؛ فإن البدع مشتقة من الكفر.
وأما الوصف، فمثل اختلاف اليهود والنصارى في المسيح : هؤلاء قالوا : إنه عبد مخلوق، لكن جحدوا نبوته وقدحوا في نسبه، وهؤلاء أقروا بنبوته ورسالته، ولكن قالوا : هو الله، فاختلف الطائفتان في وصفه وصفته، كل طائفة بحق وباطل.


الصفحة التالية
Icon