وهؤلاء يقولون : كلام الله ما يفيض علي النفوس الصافية، كما أن ملائكة الله عندهم ما يتشكل فيها من الصور النورانية، فلا يثبتون له كلاما خارجًا عما في نفوس البشر، ولا ملائكة خارجة عما في نفوسهم غير [ العقول العشرة ]، و [ النفوس الفلكية التسعة ]، مع أن أكثرهم يقولون : إنها أعراض، وقد بين في غير هذا الموضع أن ما يثبتونه من المجردات / العقلية التي هي العقول والنفوس والمواد والصور، إنما وجودها في الأذهان لا في الأعيان.
وأما الصنف الثالث، الذين فرقوا بين الواجب والممكن، والخالق والمخلوق، والغنى الذي لا يفتقر إلى غيره، والفقير الذي لا قوام له إلا بالغني، فقالوا : كل ما قارن الحوادث من الممكنات فهو محدث كائن بعد أن لم يكن، وهو مخلوق مصنوع مربوب، وأنه يمتنع أن يكون فيما هو فقير ممكن مربوب شيء قديم، فضلا عن أن تقارنه حوادث لا أول لها؛ ولهذا كانت حركات الفلك دليلا على حدوثه كما تقدم التنبيه على ذلك.