[ الإخلاص : ١ ] وسأله : هذا مخلوق ؟ فقال له أحمد : هذا ليس بمخلوق. فبلغه أن أبا طالب حكى عنه أنه قال : لفظي بالقرآن غير مخلوق، فغضب عليه أحمد، وقال : أنا قلت لك : لفظي بالقرآن غير مخلوق ؟ فقال : لا. ولكن قرأت عليك :﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ فقلت لك : هذا غير مخلوق، فقلت : نعم. فقال : فلم حكيت عني أني قلتُ لك : لفظي بالقرآن غير مخلوق ؟ فقال : لم أحكه عنك، وإنما حكيته عن نفسي، قال : فلا تقل هذا، فإني لم أسمع عالمًا يقول هذا، ولكن قل : القرآن حيث تصرف كلام الله غير مخلوق.
ولهذا قال البخاري في [ كتاب خلق الأفعال ] : إن [ اللفظية ] هؤلاء يذكرون قولهم عن أحمد وهم لا يفهمون دقة قوله، وموضع الشبهة أنه إذا قال هذا، فالإشارة تكون إلى الكلام من حيث هو كلام، مع قطع النظر عما بلغ به من حركات العبد وصوته، كما أن / الرجل إذا كتب اسم الله ـ تبارك وتعالى ـ وسمع قائلا يذكر الله فقال : هذا ربي كان صادقًا، ولو قيل له : أتعبد هذا ؟ لقال : نعم. ـ لأن المشار إليه هو المسمى بذلك ـ ألا تعلم المكتوب ؟ والاسم يراد به من الكلام المؤلف المسمى، فإذا قال :﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾ [ الفتح : ٢٩ ] فالمراد أن المسمى الذي اسمه محمد هو رسول الله، ليس المراد أن نفس اللفظ والخط هو رسول الله.
ومن هنا تنازع الناس في [ الاسم ]، هل هو المسمى أو غيره، وكان الصواب أن يمنع من كلا الإطلاقين، ويقال كما قال الله تعالى :﴿ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى ﴾ [ الأعراف : ١٨٠ ] وكما قال ﷺ :( إن لله تسعة وتسعين اسما، من أحصاها دخل الجنة ). والذين أطلقوا أنه المسمى كان أصل مقصودهم أن المراد به هو المسمى، وأنه إذا ذكر الاسم فالإشارة به إلى مسماه، وإذا قال العبد : حمدت الله، ودعوت الله، وعبدت الله، فهو لا يريد إلا أنه عبد المسمى بهذا الاسم.