فبين الله ورسوله أن القرآن المسموع كلام الله لا كلام أحد من المخلوقين، والناس يقرؤونه بأصواتهم، فمن قال : إن هذا القرآن المسموع ليس هو كلام الله، أو هو كلام القارئين كان فساد قوله معلومًا بالضرورة شرعًا وعقلاً، كما أن من قال : إن هذا الصوت المسموع ليس هو صوت العبد أو هو صوت الله، كان فساد قوله معلومًا بالضرورة شرعًا وعقلا، بل هذا هو كلام الله لا كلام غيره، سمعه جبريل من الله، وسمعه النبي ﷺ من جبريل، وسمعه المسلمون من نبيهم، ثم بلغه بعضهم إلى بعض، وليس لأحد من الوسائط فيه إلا التبليغ بأفعاله وصوته، لم يحدث منهم أحد شيئًا من حروفه، ولا نظمه، ولا معانيه، بل جميع ذلك كلام الله ـ تعالى.
القول الخامس : قول الهشامية والكرامية ومن وافقهم : أن كلام الله حادث قائم بذات الله بعد أن لم يكن متكلمًا بكلام، بل ما زال عندهم قادرًا على الكلام، وهو عندهم لم يزل متكلمًا؛ بمعنى أنه لم يزل قادرًا على الكلام، وإلا فوجود الكلام عندهم في الأزل ممتنع، كوجود / الأفعال عندهم، وعند من وافقهم من أهل الكلام، كالمعتزلة وأتباعهم وهم يقولون : إنه حروف وأصوات حادثة بذات الرب، بقدرته ومشيئته. ولا يقولون : إن الأصوات المسموعة، والمداد الذي في المصحف قديم، بل يقولون : إن ذلك محدث.


الصفحة التالية
Icon