والقرآن مع الحديث ومع العقل يرد على هؤلاء؛ كقوله تعالى :﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [ الشورى : ٥١ ] ولو كان الحجاب هو عدم الرؤية لكان الوحي وإرسال الرسل من وراء حجاب، وقال تعالى :﴿ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا ﴾ [ الأعراف : ١٤٣ ]، وفي الصحيح :( إذا دخل أهل الجنة الجنةَ نادى مناد : يا أهل الجنة، إن لكم عند الله موعدًا يريد أن يُنجِزكموه، فيقولون : ما هو ؟ ألم يُبَيِّضْ وجوهنا، ويثقل موازيننا، ويدخلنا الجنة، وينجينا من النار ؟ ). قال :( فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فما أعطاهم شيئًا أحب إليهم من النظر ) والآثار في ذلك كثيرة.
وأيضا، فقول الكلابية : إن الحقائق المتنوعة شيء واحد، وقول الآخرين : إن الأصوات المتضادة تجتمع في آن واحد، مما يقول أكثر العلماء العقلاء أنه معلوم الفساد بالضرورة، وقد بسط الكلام على هذه الأقوال في غير هذا الموضع.
والمقصود هنا الجواب عن قول هذا القائل : فقوم إلى أنه قديم الصوت والحرف، وهم الحشوية، إن أراد بذلك قول من يقول : إن نفس الأصوات مجتمعة في الأزل، فهذا قول من تقدم من السالمية، وغيرهم من أهل الكلام والحديث.