والفريق الآخر دفعوا عنه؛ لكونهم رأوا المنتسبين إليه لا يظهرون إلا خلاف هذا القول، ولكونهم اتهموه بالتقية، وليس كذلك، بل هو انتصر للمسائل المشهورة عند أهل السنة، التي خالفهم فيها المعتزلة؛ كمسألة [ الرؤية ] و [ الكلام ] وإثبات [ الصفات ] ونحو ذلك، لكن كانت خبرته بالكلام خبرة مفصلة، وخبرته بالسنة خبرة مجملة فلذلك وافق المعتزلة في بعض أصولهم التي التزموا لأجلها خلاف السنة، واعتقد أنه يمكنه الجمع بين تلك الأصول، وبين الانتصار / للسنة، كما فعل في مسألة الرؤية والكلام، والصفات الخبرية وغير ذلك.
والمخالفون له من أهل السنة والحديث، ومن المعتزلة والفلاسفة يقولون : إنه متناقض، وإن ما وافق فيه المعتزلة يناقض ما وافق فيه أهل السنة، كما أن المعتزلة يتناقضون فيما نصروا فيه دين الإسلام، فإنهم بنوا كثيرًا من الحجج على أصول تناقض كثيرًا من دين الإسلام، بل جمهور المخالفين للأشعري من المثبتة والنفاة يقولون : إن ما قاله في [ مسألة الرؤية والكلام ] معلوم الفساد بضرورة العقل.
ولهذا يقول أتباعه : إنه لم يوافقنا أحد من الطوائف على قولنا في [ مسألة الرؤية، والكلام ] فلما كان في كلامه شَوْبٌ [ أي : خلْط ]. من هذا وشوب من هذا، صار يقول من يقول : إن فيه نوعا من التجهم. وأما من قال : إن قوله قول جهم، فقد قال الباطل. ومن قال : إنه ليس فيه شيء من قول جهم، فقد قال الباطل، والله يحب الكلام بعلم وعدل، وإعطاء كل ذي حق حقه، وتنزيل الناس منازلهم.