والكلام الذي تقوله الأنبياء هو كلامهم وقولهم، وهؤلاء الذين يقولون عن القرآن :﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ﴾ [ المدثر : ٢٥ ]، فإن الوحيد الذي هو الوليد بن المغيرة كان من جنسهم؛ كان من المشركين الذين هم صابئون أيضًا؛ فإن الصابئين ـ كأهل الكتاب ـ تارة يجعلهم الله قسمًا من المشركين، وتارة يجعلهم الله قسيمًا لهم، كما قال تعالى :﴿ لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ﴾
[ البينة : ١ ] ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ﴾ [ البينة : ٦ ].
وكذلك لما ذكر الملل الست في الحج فقال :﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا ﴾ الآية [ الحج : ١٧ ]، وقال تعالى :﴿ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ ﴾ الآية [ التوبة : ٣١ ]، وهذا بعد قوله :﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ﴾ إلى قوله :﴿ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [ التوبة : ٣٠ ـ ٣٢ ]، وقال :﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ ﴾ [ المائدة : ٧٢ ]، فإذا كان اليهود والنصارى قد يكونون مشركين فالصابئون أولى، وذلك بعد تبديلهم، فحيث وصفوا بالشرك فبعد التبديل، وحيث جعلوا غير مشركين فلأن أصل دينهم الصحيح ليس فيه شرك، فالشرك مبتدع عندهم، فينبغى التفطن لهذه المعاني.
وكان الوحيد من ذوي الرأي والقياس والتدبير من العرب، وهو معدود من حكمائهم وفلاسفتهم.


الصفحة التالية
Icon