وهذا من التفرق والاختلاف الذي ذمه الله ـ تعالى ـ ونهى عنه، فقال :﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾ [ البقرة : ١٧٦ ]، وقال :﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [ آل عمران : ١٠٥ ]، وقال :﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ ﴾ [ آل عمران : ١٠٣ ]، وقال :﴿ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ﴾ [ البقرة : ٢١٣ ].
فالواجب على المسلم أن يلزم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنة خلفائه الراشدين، والسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان. وما تنازعت فيه الأمة وتفرقت فيه، إن أمكنه أن يفصل النزاع بالعلم والعدل وإلا استمسك بالجمل الثابتة بالنص والإجماع، وأعرض عن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعًا؛ فإن مواضع التفرق والاختلاف عامتها تصدر عن اتباع الظن، وما تهوى الأنفس، ولقد جاءهم من ربهم الهدى.
وقد بسطت القول في جنس هذه المسائل ببيان ما كان عليه سلف الأمة، الذي اتفق عليه العقل والسمع، وبيان ما يدخل في هذا الباب من الاشتراك والاشتباه والغلط في مواضع متعددة، ولكن نذكر منها جملة مختصرة بحسب حال السائل.
والواجب أمر العامة بالجمل الثابتة بالنص والإجماع، ومنعهم من الخوض في التفصيل الذي يوقع بينهم الفرقة والاختلاف، فإن الفرقة والاختلاف من أعظم ما نهى الله عنه ورسوله.


الصفحة التالية
Icon