ويتبين هذا الجواب بالكلام على المسألة الثانية، وهي قوله :/إن كلام الله هل هو حرف وصوت أم لا ؟ فإن إطلاق الجواب في هذه المسألة نفيًا وإثباتًا خطأ، وهي من البدع المولدة، الحادثة بعد المائة الثالثة. لما قال قوم من متكلمة الصفاتية : إن كلام الله الذي أنزل على أنبيائه، كالتوراة، والإنجيل، والقرآن، والذي لم ينزله، والكلمات التي كون بها الكائنات، والكلمات المشتملة على أمره ونهيه وخبره، ليست إلا مجرد معنى واحد، هو صفة واحدة قامت بالله، إن عبر عنها بالعبرانية كانت التوراة، وإن عبر عنها بالعربية كانت القرآن، وأن الأمر والنهي والخبر صفات لها، لا أقسام لها، وأن حروف القرآن مخلوقة، خلقها الله ولم يتكلم بها، وليست من كلامه؛ إذ كلامه لا يكون بحرف وصوت.
عارضهم آخرون من المثبتة فقالوا : بل القرآن هو الحروف والأصوات، وتوهم قوم أنهم يعنون بالحروف المداد، وبالأصوات أصوات العباد، وهذا لم يقله عالم.


الصفحة التالية
Icon