وهؤلاء هم الصابئة، فتقربت منهم الجهمية. فقالوا : إن الله لم يتكلم ولا يتكلم، ولا قام به كلام، وإنما كلامه ما يخلقه في الهواء أو غيره، فأخذ ببعض ذلك قوم من متكلمة الصفاتية، فقالوا : بل نصفه ـ وهو المعنى ـ كلام الله، ونصفه ـ وهو الحروف ـ ليس هو كلام الله، بل هو خلق من خلقه.
وقد تنازع الصفاتية القائلون بأن القرآن غير مخلوق. هل يقال : إنه قديم لم يزل ولا يتعلق بمشيئته ؟ أم يقال : يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء ؟ على قولين مشهورين في ذلك، وفي السمع والبصر ونحوهما، ذكرهما الحارث المحاسبي عن أهل السنة، وذكرهما أبو بكر عبد العزيز عن أهل السنة، من أصحاب الإمام أحمد وغيرهم.
وكذلك النزاع بين أهل الحديث والصوفية، وفرق الفقهاء، من المالكية، والشافعية والحنفية، والحنبلية، بل وبين فرق المتكلمين والفلاسفة، في جنس هذا الباب. وليس هذا موضعًا لبسط ذلك. [ هذا لفظ الجواب في الفتيا المصرية ].