وأما النزول المقيد بالسماء، فقوله :﴿ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء ﴾ [ المؤمنون : ١٨ ] والسماء اسم جنس لكل ما علا، فإذا قيد بشيء معين [ تقيد به ]، فقوله في غير موضع من السماء مطلق أي في العلو، ثم قد بينه في موضع آخر بقوله :﴿ أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ ﴾ [ الواقعة : ٦٩ ]، وقوله :﴿ فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ ﴾ [ النور : ٤٣ ] أي أنه منزل من السحاب. ومما يشبه نزول القرآن قوله :﴿ يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [ النحل : ٢ ]، فنزول الملائكة هو نزولهم بالوحي من أمره، الذي هو كلامه وكذلك قوله :﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ﴾ [ القدر : ٤ ] يناسب قوله :﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ﴾ [ الدخان : ٤، ٥ ] فهذا شبيه بقوله :﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ ﴾ [ النحل : ١٠٢ ].
وأما المطلق، ففي مواضع، منها : ما ذكره من إنزال السكينة بقوله :﴿ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ الفتح : ٢٦ ] قوله :﴿ هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [ الفتح : ٤ ] إلى غير ذلك.


الصفحة التالية
Icon