ومن ذلك : إنزال الميزان، ذكره مع الكتاب في موضعين، وجمهور المفسرين على أن المراد به العدل، وعن مجاهد ـ رحمه الله ـ : هو ما يوزن به، ولا منافاة بين القولين. وكذلك العدل، وما يعرف به العدل، منزل في القلوب، والملائكة قد تنزل على قلوب المؤمنين، كقوله :﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ [ الأنفال : ١٢ ] فذلك الثبات نزل في القلوب بواسطة الملائكة، وهو السكينة. قال النبي ﷺ :( من طلب القضاء واستعان عليه وُكِل إليه، ومن لم يطلب القضاء ولم يستعن عليه أنزل الله عليه ملكا يُسَدِّدُه ) فالله ينزل عليه ملكا، وذلك الملك يلهمه السداد، وهو ينزل في قلبه.
ومنه حديث حذيفة ـ رضي الله عنه ـ الذي في الصحيحين، عن النبي ﷺ قال :( إن الله أنزل الأمانة في جَذْر قلوب الرجال، فعلموا من القرآن وعلموا من السنة ) و [ [ جَذْر ] : أي أصل ]، والأمانة هي الإيمان أنزلها في أصل قلوب الرجال، وهو كإنزال الميزان والسكينة، وفي الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال :( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ) الحديث إلى آخره، فذكر أربعة : غشيان /الرحمة، وهي أن تغشاهم كما يغشى اللباس لابسه، وكما يغشى الرجل المرأة، والليل النهار. ثم قال :( ونزلت عليهم السكينة ) وهو إنزالها في قلوبهم، ( وحَفَّتْهم الملائكة ) أي : جلست حولهم، ( وذكرهم الله فيمن عنده ) من الملائكة.