وكذلك الحديث الذي رواه الثعلبي عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ﷺ :( إن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض، فأنزل الحديد والماء والنار والملح ) حديث موضوع مكذوب، في إسناده سيف بن محمد ابن أخت سفيان الثوري ـ رحمه الله ـ وهو من الكذابين المعروفين بالكذب.
قال ابن الجوزي : هو سيف بن محمد ابن أخت سفيان الثوري، يروي عن الثوري وعاصم الأحول والأعمش، قال أحمد ـ رحمه الله : هو كذاب يضع الحديث، وقال مرَّة : ليس بشيء. وقال يحيى : كان كذابًا خبيثًا، وقال مرة : ليس بثقة. وقال أبو داود : كذاب. وقال زكريا الساجي : يضع الحديث. وقال النسائي : ليس بثقة ولا مأمون. وقال الدارقطني : ضعيف متروك.
والناس يشهدون أن هذه الآلات تصنع من حديد المعادن. فإن قيل : إن آدم ــ عليه السلام ـ نزل معه جميع الآلات فهذه مكابرة للعيان. وإن قيل : بل نزل معه آلة واحدة، وتلك لا تعرف، فأي فائدة في هذا لسائر الناس ؟ ! ثم ما يصنع بهذه الآلات إذا لم يكن ثَمَّ حديد موجود يطرق بهذه الآلات، وإذا خلق الله الحديد صنعت منه هذه الآلات مع أن /المأثور :[ إن أول من خطَّ وخاط إدريس ـ عليه السلام ـ ] وآدم ـ عليه السلام ـ لم يخط ثوبًا فما يصنع بالإبرة.
ثم أخبر أنه أنزل الحديد، فكان المقصود الأكبر بذكر الحديد هو اتخاذ آلات الجهاد منه، كالسيف والسنان والنصل وما أشبه ذلك، الذي به ينصر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه لم تنزل من السماء.


الصفحة التالية
Icon