وأيضًا، فيقال : ما تقول في كلام كل متكلم إذا نقله عنه غيره ـ كما قد ينقل كلام النبي ﷺ والصحابة والعلماء والشعراء وغيرهم وبسمع من الرواة أو المبلغين ـ إن ذلك المسموع من المبلغ بصوت المبلغ هو كلام المبلغ أو كلام المبلغ عنه ؟ فإن قال : كلام المبلغ لزم أن يكون القرآن كلامًا لكل من سمع منه، فيكون القرآن المسموع كلام ألف ألف قارئ لا كلام الله ـ تعالى ـ وأن يكون قوله :( إنما الأعمال بالنيات ) ونظائره كلام كل من رواه لا كلام الرسول، وحينئذ فلا فضيلة للقرآن في ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾ [ الحاقة : ٤٠، التكوير : ١٩ ] فإنه على قول هؤلاء قول كل منافق قرأه، والقرآن يقرؤه المؤمن والمنافق، كما في الصحيحين عنه ﷺ أنه قال :( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأُتْرُجَّة طَعْمُهَا طَيِّب وريحها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الرَّيْحَانة ريحها طيب وطعمها مُرّ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن /مثل الحَنْظَلَة طعمها مر ولا ريح لها ). وعلى هذا التقدير فلا يكون القرآن قول بشر واحد، بل قول ألف ألف بشر وأكثر من ذلك. وفساد هذا في العقل والدين واضح.