واعلم أن أصل القول بالعبارة : أن أبا محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب هو أول من قال في الإسلام : إن معنى القرآن كلام الله، وحروفه ليست كلام الله. فأخذ بنصف قول المعتزلة ونصف قول أهل السنة والجماعة، وكان قد ذهب إلى إثبات الصفات لله ـ تعالى ـ وخالف المعتزلة في ذلك، وأثبت العلو لله على العرش ومباينته المخلوقات، وقرر ذلك تقريرًا هو أكمل من تقرير أتباعه بعده. وكان الناس قد تكلموا فيمن بلغ كلام غيره، هل يقال له حكاية عنه أم لا ؟ وأكثر المعتزلة قالوا : هو حكاية عنه، فقال ابن كلاب : القرآن العربي حكاية عن كلام الله، ليس بكلام الله.
فجاء بعده أبو الحسن الأشعري، فسلك مسلكه في إثبات أكثر الصفات، وفي مسألة القرآن أيضًا، واستدرك عليه قوله : إن هذا حكاية، وقال : الحكاية إنما تكون مثل المحكي فهذا يناسب قول المعتزلة، وإنما يناسب قولنا أن نقول : هو عبارة عن كلام الله؛ لأن الكلام ليس من جنس العبارة، فأنكر أهل السنة والجماعة عليهم عدة أمور :


الصفحة التالية
Icon