أحدها : قولهم : إن المعنى كلام الله، وإن القرآن العربي ليس كلام الله، وكانت المعتزلة تقول : هو كلام الله وهو مخلوق، فقال هؤلاء : هو مخلوق وليس بكلام الله؛ لأن من أصول أهل السنة أن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل، فإذا قام الكلام بمحل كان هو المتكلم به، كما أن العلم والقدرة إذا قاما بمحل كان هو العالم القادر، وكذلك الحركة. وهذا مما احتجوا به على المعتزلة وغيرهم من الجهمية في قولهم : إن كلام الله مخلوق، خلقه في بعض الأجسام، قالوا لهم : لو كان كذلك لكان الكلام كلام ذلك الجسم الذي خلقه فيه، فكانت الشجرة هي القائلة :﴿ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [ القصص : ٣٠ ]، فقال أئمة الكلابية : إذا كان القرآن العربي مخلوقًا لم يكن كلام الله، فقال طائفة من متأخريهم : بل نقول : الكلام مقول بالاشتراك بين المعنى المجرد وبين الحروف المنظومة، فقال لهم المحققون : فهذا يبطل أصل حجتكم على المعتزلة، فإنكم إذا سلمتم أن ما هو كلام الله حقيقة لا يمكن قيامه به بل بغيره، أمكن المعتزلة أن يقولوا : ليس كلامه إلا ما خلقه في غيره.
الثاني : قولهم : إن ذلك المعنى هو الأمر والنهي والخبر، وهو معنى التوراة، والإنجيل والقرآن، وقال أكثر العقلاء : هذا الذي قالوه معلوم الفساد بضرورة العقل.
الثالث : أن ما نزل به جبريل من المعنى واللفظ، وما بلغه محمد لأمته من المعنى واللفظ، ليس هو كلام الله.