والمقصود أن القائل إذا قال : رأيت الشمس أو القمر أو الهلال أو غير ذلك في الماء والمرآة، فالعقلاء متفقون على الفرق بين هذه الرؤية وبين رؤية ذلك بلا واسطة، وإذا قال قائل : ما رأى ذلك، بل رأى مثاله أو خياله أو رأى الشعاع المنعكس أو نحو ذلك لم يكن هذا مانعا لما يعلمه الناس ويقولونه من أنه رآه في الماء أو المرآة، وهذه الرؤية في الماء أو المرآة حقيقة مقيدة، وكذلك قول النبي ﷺ :[ من رآني في المنام فقد رآني حقًا؛ فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي )، هو كما قال ﷺ رآه في المنام حقًا، فمن قال : ما رآه في المنام حقًا فقد أخطأ، ومن قال : إن رؤيته في اليقظة بلا واسطة كالرؤية بالواسطة المقيدة بالنوم فقد أخطأ؛ ولهذا يكون لهذه تأويل وتعبير دون تلك.
وكذلك ما سمعه منه من الكلام في المنام هو سماع منه في المنام، وليس هذا كالسماع منه في اليقظة، وقد يرى الرائي في المنام أشخاصًا ويخاطبونه والمرئيون لا شعور لهم بذلك، وإنما رأى مثالهم، ولكن يقال : رآهم في المنام حقيقة، فيحترز بذلك عن الرؤيا التي هي حديث النفس.