وكذلك قالوا : إن الله خالق أفعال العباد، فأفعال العباد القائمة بهم مفعولة له لا نفس فعله، وهي نفس فعل العبد، وكان حقيقة قول أولئك نفي فعل الرب ونفي فعل العبد، فتسلطت عليهم المعتزلة في [ مسألة الكلام والقدر ] تسلطًا بينوا به تناقضهم كما بينوا هم تناقض المعتزلة.
وهذا أعظم ما يستفاد من أقوال المختلفين الذين أقوالهم باطلة، فإنه يستفاد من قول كل طائفة بيان فساد قول الطائفة الأخرى، فيعرف الطالب فساد تلك الأقوال، ويكون ذلك داعيًا له إلى طلب الحق، ولا تجد الحق إلا موافقًا لما جاء به الرسول ﷺ ولا تجد ما جاء به الرسول إلا موافقًا لصريح المعقول، فيكون ممن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، وممن له قلب يعقل به وأذن يسمع بها، بخلاف الذين قالوا :﴿ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [ الملك : ١٠ ].
وقد وافق الكلابية على قولهم كثير من أهل الحديث والتصوف، ومن أهل الفقه المنتسبين إلى الأئمة الأربعة، وليس من الأئمة الأربعة /وأمثالهم من أئمة المسلمين من يقول بقولهم


الصفحة التالية
Icon