قال الخلال : وأخبرنا أبو داود السجستاني قال : سمعت أبا عبد الله يتكلم في [ اللفظية ]، وينكر عليهم كلامهم، وسمعت إسحاق بن راهويه ذكر [ اللفظية ] وبدعهم. وقال الخلال : سمعت ابن صدقة قال : سمعت يحيى بن حبيب بن عربي قال : سمعت رجلا سأل معتمر بن سليمان : إن لنا / إمامًا قدريا أُصَلِّى خلفه ؟ قال : من زعم أن لفظه غير مخلوق بمنزلة من زعم أن سماء الله غير مخلوقة.
قال الخلال : وأخبرني أبو بكر المروزي، حدثنا محمد بن يحيى الأزدي، حدثني مُسَدَّد قال : كنت عند يحيى القَطَّان وجاء يحيى بن إسحاق بن توبة العنبري، فقال له يحيى : حدث هذا ـ يعني مسددًا ـ كيف قال حماد بن زيد فيها ـ أي [ مسألتنا ] ؟ فقال : سألت حماد بن زيد عمن قال : كلام الناس ليس بمخلوق، فقال : هذا كلام أهل الكفر، وقال يحيى بن إسحاق : سألت معتمر بن سليمان عمن قال : كلام الناس ليس بمخلوق، فقال : هذا كفر.
فهذه الآثار ونحوها مما اعتمد عليها المشهورون بالسنة كالمروزي والخلال وغيرهما، وكذلك الإمام أبو عبد الله بن بطة يعتمد في كتابه [ الإبانة الكبير ] على هذه الآثار ونحوهما.
قلت : حماد بن زيد أحد الأئمة الأعلام في السنة، في طبقة مالك والثوري والأوزاعي وحماد بن سلمة والليث بن سعد في الزمان والإمامة، بل هو عند علماء السنة أقعد بالسنة من الثوري، وإن كان الثوري أكثر علما منه وزهدًا، وعند علماء الحديث أحفظ للحديث من حماد بن سلمة، وإن كان حماد أشهر بالزهد وأكثر دعاء إلى السنة، وهو إمام البصرة في ذلك الزمان، الذي كانت البصرة فيه مجمع علم الإسلام، وكان علماء الأمة وورثة الأنبياء وخلفاء الرسل في ذلك العصر / الذي هو عصر تابعي التابعين، هؤلاء المسلمين ونحوهم وهم من القرن الثالث الممدوح.


الصفحة التالية
Icon